لا شكّ في أنّ بروز جائحة قاتلة في العالم كلّه هو بحدّ نفسه حدثٌ مفصليّ. ولكن، كيف؟ ففي حين أنّ كابوس كورونا لم يُشرف على نهايته بعد، تنهال علينا التوقّعات من كلّ حدبٍ وصوب لتنبئنا بما يحمله لنا المستقبل، وكيف ستتغيّر حياتنا على الصعيد العملي، وأيّ شكلٍ ستتّخذ بعد عقدٍ أو أكثر من اليوم.
وفي ظلّ كلّ هذه الحيرة، نستغرب سماع هذا الكمّ الهائل من التوقّعات حول المستقبل.
لكنّنا مقتنعون أنّ الأهمّ في مثل هذه الأوقات هو التفكير الإيجابي! طبعًا، إنّ مساوئ فيروس كوفيد-19 والتباعد الاجتماعي كثيرة، لكنّ ما يحصل اليوم لم يحصل منذ مئة عام، وقد تغيّر الكثير منذ ذلك الحين. فنحن اليوم نتمتّع بفرصةٍ نادرة لنحقّق تغييرًا بكلّ ما نقوم به.
وبما أنّ لدينا متّسعًا من الوقت لنتعلّم أو نبني مهاراتٍ جديدة، فمن المهمّ أن نفهم التغيّرات التي تطرأ على كلّ وجهٍ من أوجه الحياة ونتأقلم معها، من طريقة عملنا إلى طريقة تواصلنا مع الآخرين. ومن بين هذه التغييرات أيضًا، نرى بُعدًا جديدًا للتقسيم الاجتماعي نشأ بين الأشخاص القادرين على تطبيق التباعد الاجتماعي بسهولة وأولئك الذين لا يستطيعون الالتزام به. وبالمبدأ، سيكون المستقبل الذي ينتظرنا أشبه بحاضرنا الجديد.
يجد مبتكرو ومصمّمو المنتجات متعةً في تخيّل التغيّرات الاجتماعيّة الكبيرة وتأثيرها على كلّ ما نقوم به. فما كان يُعتبر غير منطقيٍّ في الأمس قد يكون منطقيًّا جدًّا في المستقبل.
ولا بدّ من مبادراتٍ مهمّة، كوضع برامج حكوميّة مثلاً، للتخفيف من مخاطر التباعد الاجتماعي على المجتمع. إنّما، كذلك، يمكن للشركات الفرديّة أن تصمّم منتجاتٍ وتسوّقها ويكون لديها أثرٌ إيجابي.
ستشهد القطاعات التي من الصعب فيها تطبيق التباعد الاجتماعي كالمتاجر والمطاعم وخدمة توصيل الطعام والقطاع الصحّي المزيد من التفاعل غير الحسّي والتعلّم عن بعد. حتّى إنّ النوادي الرياضيّة تضع إرشادات جديدة ومحطات عمل متباعدة. وستتحوّل الندوات إلى اجتماعات عبر الإنترنت. كما سيصبح من المهمّ إدخال أدوات جديدة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بسرعةٍ أكبر.
ويكمن الهدف الرئيسي من التباعد الاجتماعي في إنشاء مجتمعٍ صحّي. لكنّ معظمنا لا يلمس الأضرار الفعليّة لهذه الممارسة. لذا، لا بدّ لأيّ شخص يطمح إلى إنتاج أو بيع منتجات لها أثرٌ إيجابيٌّ على المجتمع أن يفهم ظاهرة التباعد الاجتماعي.
ولا شكّ في أنّ التباعد الاجتماعي يحقّق نتائج فعّالة. ويشير السوق إلى أنّ الاقتصاد قد يتعافى بعد أن ننجح في تسطيح المنحنى.
لكن يبقى هناك احتمال أن يكون السوق مضلّلاً. فقد ظلّ المستثمرون معظم شهر فبراير يستخفّون بالفيروس ويستبعدون فكرة تحوّله إلى جائحة حتّى 20 فبراير، حين بدأ السوق ينزلق.
نحن نعيش في أوقاتٍ غير مسبوقة إذ تترافق الجائحة العالميّة مع انهيار الأوبك، الأمر الذي أدّى إلى ابتعاد المستثمرين عن سوق رؤوس المال العالميّة.
وفي خلال أسبوعين فقط، انخفض مؤشّر S&P 500 بمعدّل 23% وأسعار النفط الخام بمعدّل 52%، الأمر الذي أدّى إلى كبح التداول مرّاتٍ عدّة.
وتعود المخاوف من تخمةٍ نفطيّة بالازدياد بعد أن أعلنت السعوديّة وروسيا حرب أسعار، فانخفض سعر النفط إلى مستويات لم يصل إليها حتّى خلال الأزمة الماليّة التي شهدها العامان 2008 – 2009.
فقد انخفض سعر النفط الأميركي الخام WTI بأربعة دولارات أو ما يساوي 20% منذ فتح المؤشّر في آسيا يوم الاثنين مع ازدياد المخاوف من امتلاء الخزّانات ومع الأثر السلبي الكبير الذي تسبّبت به أزمة كورونا على الطلب العالمي، وهي نتيجة لم نشهدها حتّى خلال أزمات الركود الاقتصادي والحروب.
وعلى الرغم من أنّ سعر النفط الأميركي الخام WTI قد تعافى بعد انخفاضه إلى دون الصفر للمرّة الأولى في تاريخه، إلّا أنّ تعافيه أظهر ركودًا وبدأ نمط الانعكاس يظهر على الجدول اليومي.
فصحيحٌ أنّ النفط قد لا يسجّل أسعارًا سلبيّة مرّةً أخرى إلّا أنّ ضعف القطاع سيستمرّ على الأرجح وقد لا يتعافى كما يجب في وقتٍ قريب. وقد أظهر التسارع الهبوطي اليوم تراجعًا بنسبة 50% عن التعافي الذي سجّله السعر في الأسبوع الماضي وها هو يحمل إشارةً هبوطيّة في سعر الإغلاق اليومي متّجهًا نحو المؤشّر الأحمر.
واحتمال وصول سعر البرميل إلى 10 دولارات هو سيناريو مطروح مع وجود إمكانيّة انخفاضه أكثر. وتظهر الدراسات التقنيّة هبوط الأسعار في كلّ الفترات الزمنيّة وتبيّن الضعف بوضوح.
لا شكّ في أنّ أسهم FAANG تسيطر على أسواق الأسهم الأميركيّة منذ بعض الوقت. وتختصر كلمة FAANG أسهم الشركات الأميركيّة التكنولوجيّة الخمس الأكثر شعبيّةً والأفضل أداءً، مثل: Facebook وAmazon وApple وNetflix وAlphabet (غوغل).
وتتميّز أسهم FAANG بأنّها، بالإضافة إلى شهرتها الواسعة بين العملاء، فهي تعود إلى أهمّ الشركات في العالم وتبلغ قيمتها السوقيّة مجتمعةً 4،1 تريليون دولار.
وفي حين أبدى البعض قلقهم من أن تكون أسهم FAANG في فقّاعة، اعتبر آخرون أنّ نموّها إلى هذا الحدّ مبرّرٌ بفضل الأداء المالي والتشغيلي المميّز الذي حقّقته هذه الشركات في السنين القليلة الماضية.
ولا شكّ في أنّ شركة Apple تتصدّر هذه المجموعة من دون منازع بحيث تبلغ قيمتها السوقيّة 1،2 تريليون دولار وتحقق نمط موجات.
ومع بدء ارتفاع سعر السوق من المستوى المتدنّي الذي سجّله في العام 2019 حين بلغ 140 دولارًا، وصل في العام 2020 إلى 325 دولارًا، أي بعد عامٍ واحد على هبوطه. ومع انخفاض السعر من 325 دولارًا، دخل رسميًّا في الموجة الرابعة.
وبحسب النظريّة، فلا يمكن للموجة الرابعة أن تخرق الموجة الأولى. والجدير بالاهتمام أيضًا كان التزامن مع امتداد فيبوناتشي بنسبة 0،61% وانعكاسه بقوّة في الموجة الخامسة.
كذلك، تتزامن الموجة الثالثة وتدعو إلى ارتفاع مع ارتفاع مؤشّر S&P والدعوة إلى انعكاسٍ حاد.
دخل السهم حاليًّا في الموجة الخامسة، الأمر الذي من المتوقّع أن يرفع السعر أكثر من 350 دولارًا في المستقبل القريب.
لم يعُد هناك من مجالٍ للقراءة بين السطور، فمن يفهم التغيير الذي طرأ ويمكنه الاستفادة منه لتحسين مكانته ومن يعرف الأثر الذي سيخلّفه هذا التغيير على نموذج العمل سيتمكّن من احتلال الصدارة في مجاله. لذا، وضعت شركة AIX منهجيّة عمل عن بُعد للمستثمرين الذين يلتزمون بعزل أنفسهم كي لا يؤثّر ذلك على نمط عيشهم ووضعهم الماليّ.
ففي نهاية المطاف، يمكننا القول إنّ هذه الجائحة أثبتت لنا جميعًا أنّه من الصعب توقّع ما قد يحصل في المستقبل.
يمكنكم التواصل مع أحد مستشارينا الماليّين لمعرفة المزيد عن الخدمات التي نقدّمها لنساعدك في التخطيط المالي.